top of page
Search

أرواح تركض


أهلًا ..

أؤمن أن الإنسان من دونِ سعي .. هو جسدٌ بلا روح.

لذلك .. نحنُ نركض في هذه الحياة سعيًا لتحقيق أهدافٍ وطموحات .. نركضُ لأننا نُبصر هدفًا، نحمل معنى، نؤمن بقضيّة.

عندها سنصل، وآهٍ آه ما أجمل لذّة الوصول.


نمرّ في مرحلة السّعي بتخبّطاتٍ وتحدّيات .. نفشل في بعضها وننجحُ في أخرى

نتعلّم منها الأخطاء ونعلّمها أنّنا أقوياء.


الكيّس فينا والفطن، من إذا توالت عليه الهزائم والخسائر .. أوقفَ سعيهُ لمدّة .. يغوص فيها في أعماق نفسه وروحه

ليكتشف الأخطاء (الكلاكيع) ويعيد السّعي مرّة أخرى بحكمة وذكاء .. أُطلق على هذه الآليّة ( آليّة السّعي بذكاء).


تذكّر دائمًا: لا ضير في التوقّف عن السّعي لمعاودة السّعي.


هذه الفلسفة الحياتيّة في مفهوم السعي والركض .. تنطبق إلى حد كبير على المعنى الضمني لرياضة الجري.

أو على الأقل -أعتبره كذلك-


لا أُخفيكم سرًّا .. أنّي أحببت هذه الرياضة لعمقِ معناها ومفهومها .. لسهولتها وصعوبة تفاصيلها في نفس الوقت.

أن أبدأ هذا العالم بركضةٍ لمدّة خمس دقائق فقط، ثم أسقطُ بعدها على الأرض من التّعب وأنا ألتقط أنفاسي التي ظننتها ستكون الأخيرة، ثم أستيقظ غدًا وعضلات قدمي بالكاد تحملني، وأعيد تصحيح أسلوب الجري لأكمل عشر دقائق .. شعرت بعدها أن قلبي خرج من مكانه من شدّة سرعة نبضاته .. ثمّ أعيد الكرّة مرّة أخرى بعد الانضباط في النّوم والمواظبة على الأكل الصحّي .. لأصل بعدها إلى الربع والنصف ساعة والساعة ..

بل إلى نصف مارثون كامل ولله الحمد (22km) في ساعتين ..

والأرقام لن تتوقف بإذن الله.


هذا التدرّج الممتع الذي تصحبهُ تحدّيات ونتائج واضحة شبه سريعة .. أعتبره من ملذّات الحياة التي يحتاجهُا كُل إنسان بلا استثناء.

(شعور الإنجاز .. هو شعور احتياج)


تمر علي حالة أثناء الركض أُسمّيها (حالة اللاشعور).

أحس فيها أنّي أركض على هواء .. خفيف جدًا .. كأنّي أركض ولا أركض، وهي حالة مثبتة علميًا وتسمّى (Flow state)

- التدفق الذهني - يدخل فيها الإنسان أعلى درجات وعيه التي تتمثل في التركيز المطلق وذروة الأداء.

عرّف البروفيسور Mihaly Csikszentmihalyi التدفّق الذهني بأنّها الحالة التي يكون فيها الشخص الذي يؤدي نشاطًا ما في قمّة تركيزه واندماجه في عمله .. هي اللحظة من الشغف التي تفقدنا الشعور بمرور الزمن وكأنّه توقّف لبرهة !



حالة استثنائية جدًا جدًا .. من لم يذقها إلى الآن .. لم يفتهُ الأوان.

- قم واركض - :ـ)


أنا وغيري الكثير .. نميل إلى الرياضات التي يطغى فيها المجهود البدني العالي .. شعور التّعب والتنفّس الصعب ونبضات القلب السريعة .. شعور نستلذ به جدّا ونستمتع فيه لدرجة التعلّق وعدم القدرة على الانفكاك منه.


لذلك .. أصبح الجري بالنسبة لي (احتياج) أكثر من كونه رياضة وصحّة للبدن.

أحتاج هذي اللحظة التي أفقد فيها الوعي عن كُل ضجيج في هذه الحياة، لحظة الصفاء التامّة جدًا، لحظة السّكون العقلي والنّفسي، رُغم المجهود البدني.


دائمًا أقول: الرّكض حياة - كما الحُب -


إن كان من نصيحةٍ أخيرة أوجّهها لك: جرّب تركض.


227 views0 comments
bottom of page